أغنيات الأطفال .. أساليب داعمة لتعزيز القيم
هدى قدور
عدة دورات من مهرجان أغنية الطفل استطعنا خلالها التعرف على الكثير من المواهب الجماعية والفردية من أصحاب الأصوات الذين يبشرون بمستقبل زاهر للأغنية السورية، لكن للأسف الأمر له ضرورات أكبر من تظاهرات عابرة ينتهي مفعولها مع انتهاء الأيام التي تقام خلالها هذه الفعاليات.
إن أغنية الطفل على نحو خاص تنطوي على أهمية كبيرة على صعيد التربية وتنمية الذائقة الفنية وتوجيهها الاتجاه الصحيح ليس عند المؤدي صاحب الموهبة وحسب، بل لدى المستمع من الأطفال الذين يرددون هذه الأغنيات حتى سن متقدمة وترتبط بطفولتهم بحيث لا تغيب عن ذاكرتهم مهما تقدم الزمن.
الجميع من رجال وسيدات اليوم يتذكرون أغنيات المرحلة الدراسية التي زيّنت كتب القراءة وكتب أشعارها سليمان العيسى في المرحلة الإبتدائية بشكل أساسي، وهذا الأمر يؤكد أن الفنون يمكن أن تفعل فعلها على صعيد التربية وتكريس المفاهيم الوطنية والأخلاقية لدى أبناء الجيل، فالأغنية الطفلية ليست للتسلية أو اكتساب المواهب فقط بل تنطوي على أهمية تربوية كبيرة وسترافق الجيل حتى في شبابه وكهولته، ومن هنا لابدّ من التركيز على هذه الفعاليات وإعطائها الاهتمام المناسبة بحيث تتم رعاية المواهب التي تنتج عن هذا المهرجان كي تتابع طريقها في تقديم أغنيات خاصة وجديدة بالأطفال لأن هذا الفن يشهد ضعفاً ليس على المستوى المحلي وحسب بل على المستوى العربي أيضاً.
بما أن العرب مستهلكون للمنتجات التكنولوجية التي تعنى بصناعة الأفلام الكرتونية وليسوا منتجين للأفلام التربوية التي تناسب بيئتنا في التربية والقيم التي تحملها، نظراً لارتفاع تكاليف إنتاج الفيلم الكرتوني ونظراً لقلة الخبرات وبدائيتها في هذا المجال، فإن العمل على الفنون الغنائية والموسيقية يعد المجال الأوسع والأرحب ريثما يتم توفير متطلبات العامل التكنولوجي الذي يوفر الصوت والصورة، ولا ننسى أن نشير إلى نجاح العديد من البرامج الطفولية القديمة في جذب انتباه الأطفال مثل «افتح يا سمسم» الذي اعتمد على الألعاب والتمثيل الحي، وقد انتشر بأغنياته ومقاطعه وشخصياته على المستوى العربي بشكل كبير.
العودة إلى الفنون في التربية وصناعة الخيال الطفلي من الخيارات الهامة المتاحة للتطبيق في هذه المرحلة، وما يؤكد ذلك أن معدات أفلام الكرتون العالمية الشهيرة وأدوات أبطالها المعروفة تملأ الأسواق ويحرص الأطفال على شرائها وتعليقها في غرفهم وهذا دليل على ما نذهب إليه من تأثير الفنون الحديثة على شخصية الطفل، لكن بالنسبة لإمكاناتنا المحدودة في هذا المجال، فإن الاعتماد على الأغنية الطفلية يعد خياراً مناسباً وفعالاً ولاسيما إذا تكلل باستراتيجية رعاية تتكفل بتدريب أولئك الأطفال الفائزين في المهرجانات وتعليمهم تقنيات الغناء والموسيقا من أجل أن ينتجوا أغنيات خاصة بالأطفال ويمكن بهذا المجال الإعلان عن مسابقات سنوية لأغنيات الأطفال بجوائز مغرية يمكن أن تسدد تكاليف الإنتاج العالية لأن هذا الأمر ينطوي على صعوبات كبيرة هو الآخر.
مهرجانات أغاني الأطفال وفنونهم المتعددة بشكل عام، لها أهمية كبرى، وقد اكتشفت المجتمعات المتقدمة أساليب جديدة في زرع المفاهيم والقيم داخل الشخصية عبر الفنون وليس عبر الدروس النظرية التي صارت أساليب قديمة تنفر الطالب وتجعله يغلق أذنيه عن تعاليمها المكرورة بلا مجهود عملي على الأرض، وكما يقول البعض فإن أغنية طفلية ناجحة من جهة الكلمات والصوت والأداء والموسيقا، من شأنها أن تشكل حالة تربوية كاملة لأن هذا العصر هو عصر الصورة وعصر الصوت والفيديو، فتلك الأدوات تعد مدرسة كاملة تختصر كل الدروس النظرية التي لا تبقى في الذهن طويلاً لأنها غير مدعمة بالتطبيقات العملية.
صحيفة تشرين