المُدرّجات لأوّل مرّة مَلأى بالطّلبة، يطغى عليها اللون الأسوَد، لكن هنا تَشي القبّعات السّود ببلوغ مواسم الفرح وحصاد نجاح التّخرج.
كان حفلاً أقامته نقابة الأطبّاء لتخريج دفعة من الأطبّاء الجدد، وفي وسط الفرحة الغامرة بمراسم أداء القسم، تقدّم نقيب الأطبّاء وروى لهم قصّة حدثت معه مقدّماً لهم وصيّته الأولى والأخيرة:
– في ليلة عاصفة طرقت بابي امرأة متلهّفة تشكو لي حال طفلها العليل، تقول بأن حالته خطرة وأنّه يتوجّب عليّ الإسراع لبلوغ منزلها في ليل شتوي عاصف، لا يحجب صوتها فيه إلا صوت الرّعد وبحّة الخوف التي تسلّقت حبال صوتها.
هرعت أُحضر حقيبة الإسعاف وركضت معها حتّى بلغنا دار الطّفل، منزل في ضاحية نائية، يطوف بالمياه، جدرانه قاسية باردة رغم كل حرارة الحب التي يحتويها.
حملت طفلها الذي بدا يعاني من آلام البرد وسوء التغذية بين ذراعي، وأعطيته الدّواء ورفقت بحاله.
وكنت أريد أن أصطحبهما إلى داري يمكث هذا الطفل المُنهك مع أولادي، لكن نفوس الفقراء عزيزة، قلت ذلك في سرّي حين ناولتني كيساً من النقود المعدودة خجلى قائلة أنها لا تحمل المزيد منها بسبب فقدانها عملها أثناء رعايتها للطفل العليل.
رفضت أخذ النقود وعدت إلى بيتي، كانت العاصفة تأكل كل شيء واليرد يعضّ أطراف أصابعي لكن قلبي كان دافئاً.
وبقيت أتابع الطفل حتى تعافى
كانت وصية نقيب الأطباء أن تكون مهنة الطب سبيل إلى الرحمة.
وفي تلك الأثناء قفز رئيس الوزراء من مقعده، واتّجه إلى منصة الخطاب قائلاً:
– اسمح لي يا سيّدي النقيب أن أقبّل يدك، فمنذ عشرين عاماً وأنا أبحث عنك.
لقد كنت أنا ذلك الطفل الذي ذكرته في الوصيّة، وأما والدتي العجوز فقد رحلت وكانت وصيّتها عندما أكبر أن أجدك وأشكرك على نبل عاطفتك وإعانتك لنا عندما كنّا فقراء.
……………..
إنكلترا-1920
حكاية الطفل الفقير الذي أصبح رئيس وزراء إنكلترا لاحقاً (لويد جورج).
“من يفعل الخير لا يُعدم جوازيه”
د. مايا معلا.
(سماعة حكيم)
Maya Malla
دفتر مايا
❤❤❤
❤❤❤❤
” #تطبيق سماعة حكيم” أصبح متوافراً على متجر غوغل بلاي Google Play
https://play.google.com/store/apps/details?id=itland.doctor
حمّله الآن