“تايوان”.. شرارة الحرب المحتملة بين الصين وأمريكا
بقلم: السيد شبل
تصريحات نارية متبادلة بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من جهة والصين من جهة أخرى بالشكل الذي يجعل المستقبل مفتوحاً على العديد من الاحتمالات بما فيها الخيار العسكري.
وإلى جانب الصراع المحتدم بين بكين وواشنطن على الصعيد التجاري، تسعى الإدارة الأميركية في الفترة الأخيرة إلى تمتين علاقتها بتايوان التي هي بمثابة غريم سياسي للصين، بالإضافة إلى بناء تحالفات مع العديد من الدول بهدف حصار الصين وتحجيم نفوذها.
ففي نهاية الأسبوع الماضي قال الرئيس الأميركي، جو بايدن: إن الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان إذ تعرضت إلى هجوم من الصين، في موقف يبدو فيه تصعيد للسياسية الخارجية الأميركية تجاه هذا الملف، وقبل هذا التصريح بنحو أسبوع (في الفترة ما بين 14 إلى 16 تشرين الأول) كانت أمريكا وكندا قد أرسلتا سفينتين حربيتين إلى مضيق تايوان، وهو سلوك استفزازي يتكرر من حين لآخر.
وفي حزيران الماضي، قدم بايدن وعداً مماثلاً، متحدثا عن “التزام مقدس” بالدفاع عن حلفاء حلف شمال الأطلسي في كندا وأوروبا والأمر ذاته مع اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان.
وكانت تايوان قد أعلنت قبل ذلك، تنفيذ القوات الجوية الصينية أكبر توغل في مجال دفاعها الجوي، حيث حلقت 38 طائرة صينية على موجتين، بالتزامن مع احتفال بكين بتأسيس “جمهورية الصين الشعبية”.
وتعبر بكين على الدوام عن اعتراضها على السياسة الأمريكية، حيث تعتبر أن تايوان هي جزء لا يتجزّأ من الأراضي الصينية، مؤكّدة أنّها عاجلاً أم آجلاً ستستعيد الجزيرة، بـ«القوة إذا تطلب الأمر».
وتحث بكين الولايات المتحدة على الالتزام الصارم بمبدأ “صين واحدة”، وتوخي الحذر في التصريحات، وعدم إرسال إشارات مشجعة للقوى الانفصالية في تايوان، وتؤكد بكين:”أنها لن تقدم تنازلات، ولا داعي للوقوف بوجه 1.4 مليار صيني”.
ويبدو أن الموقف بين القطبين الكبيرين يزداد اشتعالاً، فالصين من جانبها ترى أن ” تايوان” جزء حقيقي من أراضيها، يجب أن يتم ضمه لتتحقق وحدة الأراضي الصينية، علماً بأن جزيرة تايوان لا يفصلها عن الصين سوى مضيق، ولا تتجاوز المسافة بينهما الـ 140 كم، وكانت قبل عام 1949 جزءاً من دولة الصين الشعبية الكبرى.
لكن الولايات المتحدة لا يمكن أن تسمح لذلك بالحدوث لأنه يعني انتصاراً مدوياً للصين، حيث ستتمدد قوتها في المحيط الهادئ، وستتحطم صورة أمريكا حول العالم، وسينطفئ الوجود الأمريكي في آسيا تباعاً.. وبالتالي فإن ملف تايوان هو الملف الأساسي الذي يمكن أن يكون سبباً في اشتباك عسكري مباشر بين الدولتين الكبيرتين.
على صعيد آخر تسابق الولايات المتحدة الزمن بهدف مواجهة النفوذ الصيني في بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ والقارة الآسيوية من خلال تحالف “أوكوس” الذي تم إعلانه منتصف الشهر الماضي مع بريطانيا وأستراليا في خطوة لإعادة ترتيب هيكل القوة في منطقة المحيط الهادئ، وبعد ذلك بعشرة أيام، عقد قادة الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا أول اجتماع مباشر في البيت الأبيض لما يسمى تحالف «إكواد- الحوار الأمني الرباعي» تصدرته ملفات عدة أبرزها أمن المحيطين الهندي والهادئ، ومواجهة الصعود الصيني.
من جهتها تسعى الصين لتعزيز تحالفاتها مع العديد من دول العالم الثالث، وتعتمد في ذلك على الملف الاقتصادي، بعيداً عن المسائل السياسية، وتسعى إلى إحباط أي مشاريع عسكرية أمريكية بأي منطقة حول العالم، كما تعمل الصين على تمتين علاقتها مع روسيا على المستويين السياسي والعسكري، باعتبار أن البلدين يرغبان بعالم متعدد الأقطاب، وليس أن تبقى الولايات المتحدة قطباً أوحد يهيمن على العالم.
صحيفة تشرين