ربّما تظهر أعراض المرض على كلّ شيء ليس الإنسان وحسب، فالأقلا

ربّما تظهر أعراض المرض على كلّ شيء ليس الإنسان وحسب، فالأقلام في لحظة ما يخنقها السّعال الجاف وتصبح غير قادرة على إكمال كلمة واحدة..!

وحتّى الذاكرة تعاني من التلبّك ذات لحظات خيبة ترغب فيها بتقيؤ كل شيء.. كلّ شيء..

أما الأوراق هذه المرّة فتبدلّ لونها إلى الأصفر اليرقاني معلنة ارتفاع بيليروبين النّسيان في حبرها ودمّها وكل شيء…

ولم يهرب النّص الذي بدأ بحرارة باللون الأحمر ثم الأزرق السّاكن ثم اعتراه الشحوب وبدأ يعضّ أطرافه التموّت من فزعة نقص التّروية وخثار النهايات الهزيلة.

ربما تعبنا من الكتابة عن أولئك الذين وضعناهم في قلوبنا وأقمنا لهم في عيوننا مقام، ثم باعوا رفقة العمر وعشرة السنين بثمن بخس زهيد وداسوا على مشاعرنا بطريقة وقحة، كرهنا فيها كل شيء بعدهم يجيء برائحة الصداقة والرفقة لأنهم استطاعوا ملئ طرقنا التنفسية العليا برائحة لحم الصدق المشوي على نار الأنانية…وكرهناهم…

يا إلهي كيف يبكي الإنسان كرهاً من شدّة الألم بسبب كتف كان يلجأ إليه ليدّخر دموعه..

ربما تعبنا من سخرية القدر الذي جمعنا نحن أصحاب القلوب الصادقة الوفية التي تعطي المحبة الحقيقيةوالتي تصون الحب كما تصون كرامتها.. كيف جمعنا القدر بأولئك الذين لقنونا درساً بالبشاعة وجعلونا نكره حتّى أن نحبّ…

في زمن هيهات تجد فيه من يصون العاطفة ويحتويها، في زمن تباع فيه القلوب وتشترى بالمال، في زمن أصبحت فيه النساء أرخص من علكة يعيدها البائع بسبب انعدام وجود العملة الزهيدة التي تساويها.

لم نعد نريد الحب، نريد أن نكون بخير فقط..

ربما لا يصاب الجسد بالمرض فقط، فها هي الكلمات تخرج وقد أصابها نخر العظام متكسرة ضلوعها تعاني من الكساح..

ها هي عضلات الشغف تبدو متيبّسة، ضعيفة تطير كريشة في مهبّ الرّياح.

ولا أنتو شو رأيكن!

د. مايا معلا.

(سماعة حكيم)