.
لا أنسى ذلك اليوم عندما استلمت مشروع فيلا للإشراف على الأعمال الكهربائية فيها، و كنت مهندساً حديث التخرج.
كان هناك عامل كهرباء و صحية أعور اسمه أبو حسن، و قد رآني مهندساً حديثاً فأحب أن يعرض عضلاته الفنية علي بأن يشرح لي كيفية وصل كبل كهربائي سيمدد تحت الماء من أجل مصابيح إنارة المسبح.
و قد وقفت جنبه بكل تواضع لأتعلم شيئاً لم أكن لأعرفه سابقاً، و لم أتصنع العلم و الفهم و الغرور.
بعد تزليط أسلاك الكبل، قام بلفها مع بعضها البعض محورياً، و ليس جانبياً، ثم أحضر المادة الموجودة في الصورة في البكرة الخضراء، إنها (( الكوما الحرارية))، و هي مادة لاصقة تشبه الزفت (القار) الصلب، قطع من البكرة قطعة ، ثم فكها من البلاستيك المرفق و شطها (مددها) و ألصقها حول الأسلاك العارية من عازل السلاك الأول حتى عازل السلك الثاني، و شدها بيده حتى التصقت جيداً ، ثم أحضر السشوار الصناعي الذي يعطي هواءاً حاراً ((هوت اير صناعي)) و قام بتسليط الهواء الساخن عليها فتميعت و التصقت بالأسلاك بقوة بحيث لم يعد هناك أي مجال لتسرب الماء.
كان قبل وصل الأسلاك قد أدخل قطعة من انبوب الشرنك الحراري الذي ذكرته في منشور سابق و الموجود في الصورة الثانية، و بعد تحمية الكوما الحرارية قام بتلبيسها بقطعة انبوب الشرنك الحراري كي تمسكها من كل الأطرف فهي مادة لاصقة زفتية.
قام بتسليط الهواء على انبوب الشرنك الحراري فانكمش على الوصلة بقوة و أخذ شكلها تماماً ملبساً إياها بالمطاط العازل.
أصبح الوصلة مضادة للماء تماماً.
.
منذ ذلك الحين و أنا أستخدم هذه المادة و بنفس الطريقة لعزل أسلاك الفواشات الكهربائية و الحساسات ضمن خزانات المياه الكبيرة، و لعزل توصيلات الكابلات الممدة بأنابيب تحت الأرض لأنها معرضة لتسرب الماء ، و لعزل كابلات الماكينات المعرضة للماء مثل ماكينات جلخ الزجاج و ماكينات قص الرخام بالماء (ووترجيت).
م. منذر سالم
