يدق قلبك بسرعة عندما تسمع صوت نداء المستشفى رغم أنه قد يكون لصاحب سيارة مركونة في البهو بمكان خاطئ.
يدق قلبك بسرعة وكأنك تسمع الصوت للمرة الأولى رغم أن صاحبته نفسها وطريقتها في توجيه النداء نفسها لم تتغير منذ قبولك في مفاضلة الاختصاص.
إنه صوت مخيف رغم رتابته، تماماً مثل تلك التي تفاجئك بأن خط زميلك مغلق لأن (النّاقص واحد) خارج نطاق التغطية رغم أنك بأمس الحاجة لإجراء مكالمة في الإسعاف.
تتجه نحو مصعد العمليات علّك تجد مكاناً فارغاً يحمل جثّتك اليابسة بعد مناوبة الإسعاف إلى الطابق التّاسع. وبالفعل تخرج من زحمته كمن يخرج في حادثة مخاض.
في الغرفة السابعة شخص ممدد بالوضعية التشريحية، صاحب جسد هزيل، عيناه غائرتان وسحنته مصفرّة مكفهرة لا تكاد تجد فيه شيء يوحي بالحياة.
يشدّك شيء ما إليه ربّما الاصفرار الممدّد تحت مرسم حاجبيه، قيل لي ذات مرّة أن “الزّعل” هو سبب نحول الوجه لا الحميات، ويبدو أن هذا الشّاب يعاني من نقص شيء غير المعادن والفيتامينات.
“من العادي أن يتواجد مريض سوء تغذية في شعبة أمراض الهضم” ضحك زميلي رادّاً على سؤالي عن حاله. أما أنا فتسللت إلى غرفته كطبيب جراحة أتى ‘بطلب استشارة لمريضة مرارة’ ثم علق في شعبة داخلية.
كنت أريد فحص علاماته الحيوية لكنها المرة التي يتوجب عليّ فيها كسر القاعدة، وخلال جلسة واحدة، فهمت أن سوء التغذية اللعين ليس بسبب نقص الشهية ولا الأمراض الداخلية.
إن السبب الذي يدفع هؤلاء المرضى للفتك بصحّتهم يخفي خلفه أمراض نفسية جلّها عاطفية، يحتاج الأبناء لآبائهم وكثير منهم لا يعرف عن الأولاد إلا الطريقة الفزيولوجية لإنجابهم، يحتاج هؤلاء لأمهاتهم اللواتي تعثّرن في أداء واجب الأمومة، يحتاج هؤلاء المرضى للحبّ الذي يعيد بناء كل شيء مهما كانت الأرض تحته رديمة وينفض الغبار عن ألف تحفة قديمة.
خرجت من الغرفة وصوت نداء المستشفى يعلن قدوم حالة أخرى تتدهور فيها الإنسانية على الطرقات، بسبب حوادث الغفلة والـ”نزعة” الزائدة لتحطيم المشاعر وكسر الخواطر وإحداث تلك الفجوة في الرّوح.
لو كنت طبيبه المسؤول لشطبت على إضبارته وكتبت لهم أن “الإنسان عندما يجوع إلى الحب يأكل نفسه”.
د. مايا معلا
(سماعة حكيم)
Maya Malla
دفتر مايا
جميل جميل ❤❤
…
جميل جدا..والآن لم يعد بالإمكان ترميم او اصلاح مااكلته من ذاتي
❤❤❤
ما اجمل هل حكي وشو حقيقي