في أسباب هذا الحزن الغريب هذا الحنين الغريب إننا و عندم

في أسباب هذا الحزن الغريب .. هذا الحنين الغريب

إننا و عندما نريد أن نقيّم حالنا و أحوالنا ، نعتمد و بشكل شبه غريزي و غير مفهوم على المقارنة بين لحظتنا الحالية و لحظات قديمة ، أكثر من قدرتنا على وصف الحالة اللحظية التي نعيشها .

أي أن التقييم يحدث عادة عبر المقارنة ، لا عبر الملاحظة الدقيقة ( أقارن قبل أن ألاحظ ).

النقطة الأولى :

عندنا جميعاً ميلٌ طبيعي لإعطاء بعض فترات حياتنا طابعاً مختلفاً عن غيرها ، فنمنحها جانباً عاطفياً و حنوناً و نتحدث عنها كأنها أفضل أيامنا و نتمنى أن يعود ذاك الزمان ( الطفولة / المدرسة/ الحب الأول ) مع أننا و عندما عبرنا بتلك الفترات لم نكن نراها بنفس ” القدسية ” و ” المثالية “.

النقطة الثانية :

الاستسهال .. إنه الاستسهال الذي يجعلنا نختار المقارنة أكثر من الملاحظة ..لماذا ؟

إن المقارنة مع نقاط ما في الماضي باعتبارها أفضل من الحاضر هو فعل سهل بالمقارنة مع الملاحظة كونه لا يستعدي أي جهد ، فهذه النقاط المضيئة في الماضي تحتل دائماً أفضل الأماكن في خيارات الذاكرة لذلك فإن الوصول إليها متاح و سهل ، بينما يستدعي فعل ” الملاحظة” الجهد العقلي و النفسي و الروحي الذي لا نملك في أكثر الأحيان الطاقة الضرورية لإمتلاكه .

إذاً .. فإن الإنسان هو كائن يرتبط بذاكرته بسهولة أكثر من ارتباطه بحاضره ..
إذا .. فإن الإنسان هو ابن ذاكرته فقط و الحاضر … لم يأتِ بعد .

هذا برأيي ما يُصعّب علينا متعة الاستمتاع و تذوق الحاضر عن طريق ملاحظته .
هذا برأيي أكثر ما يجعلنا ضحايا سهلة المنال لحزننا و كآبتنا .

د. رفيف المهنا

(سماعة حكيم)