في الزواج هل أبحثُ عن الإطمئنان مع الشريك أم عليه ؟ لا أ

في الزواج .. هل أبحثُ عن الإطمئنان مع الشريك أم عليه ؟

لا أعتقد أن إمرأة متزوجة لم تسأل زوجها ( أو تتمنى أن تسأل ) بشكل سري أو علني هذا السؤال :” إذا عادتْ بكَ الأيام .. هل تختارني أنا ..؟”

سؤال مصنوعٌ بحِرفة لأنه ورغم براءته الظاهرة فهو يخفي الكثير من الأسئلة الأخرى الأكثر جرأة مثل
” هل أنتَ نادمٌ على الزواج مني ..؟”
” هل ما زلت تراني بنفس الطريقة ؟”
” هل أنا على مستوى طموحك ؟”
” هل خاب أملكَ بي ؟”

كلها أسئلة تُخفي السؤال الأكثر مباشراً وعُمقاً وهو ” هل تحبني ؟”

ما لاحظتُ وجوده عند المرأة الشرقية والغربية على السواء هي أنها تعيش قلقاً عظيماً تجاه مشاعر الرجل لا يعيشه الرجل بنفس الطريقة.

المرأة خائفة على زوجها أن يتركها أو أن يتوقف عن حبها أو أن يحب غيرها .. خائفة بشكل دائم .

هذا الخوف متعدد الأسباب لا يأتي فقط من الصورة الشائعة عن الرجال أنهم لا يمكن أن يكونوا مصدر ثقة ، بل من مكان أكثر عمقاً برأيي وهو أن المرأة بشكل عام تعاني من أزمة ثقة عامة فهي لا تستطيع أن تثق بالآخر أي آخر إلا عن طريق علاقات يغلب عليها الوهم فتكثر فيها خيبات الأمل .

المرأة هي كالرجل بحاجة دائمة للإطمئنان لكنها تعبر أكثر عن ذلك و تنتظرُ كثيراً من الزواج لتعوض فيه ما فاتها من سنوات من فقد الثقة والأمان ، الأمر الذي جعل من مؤسسة الزواج مكاناً واسعاً لخيبات الأمل لأنها تُعطى غالباً أكبر من حجمها وأكثر من أهميتها فتصير وهماً كبيراً يعيش على المبادئ والأفكار الثابتة الدينية والأعراف الشعبية والمجتمعية .

إن الزواج برأيي ليس اختباراً للحب (ولماذا أساساً الحاجة لاختبار الحب وتقييمه من خلال الشريك ؟)
فالحب غير قابل للإختبار فهو إما موجود و علينا أن نقبل أن يمر بعض الغيم فوقه فلا نراه أحياناً ، وإما غير موجود

الزواج لا يختبر الحب .. الزواج يختبر القدرة الذاتية لكل شريك على التواصل مع حبه لذاته وللآخر ..
ليس الحب ما يغيب في الزواج .. بل هي القدرة على التواصل معه كمنبع دائم ثابت لا ينقطع.
يشبه في ذلك ، العلاقة مع الله التي تتعرض أحياناً لبعض الضباب و الإنقطاع.

الحب في الزواج هو القنديل المعلق في سقف البيت .. لكل شريك علاقة خاصة به .. ولا يجوز أن يكون الآخر هو الوسيلة الوحيدة للوصول إليه ، قد يكون الشريك وسيلتك للتعرف على نبع الحب لكنه لا يمكن أن يكون طريقتك الوحيدة للشرب منه.
يشبه ذلك المثلث المتساوي الأضلاع ، حيث يكون الرجل في رأس والمرأة في رأس و الحب في رأس ثالث ، وعندما يركز الرجل أو المرأة على شريكه للتواصل مع الرأس الذي يوجد فيه الحب فإن الطريق سيطول و بدل أن يكون الشريك أحياناً مساعداً للوصول لاطمئنان الحب ، يكون حجر عثرة.

لا تطمئن على علاقتك مع شريكك فهي علاقة هشة ومتغيرة مهما بدت قوية.. اطمئن بالأحرى على علاقتك بالحب نفسه هو فقط ما يجعلك قويا أبدا، مهما كانت علاقتك مع الشريك .. هكذا فقط تطمئن عليه .. ومعه في آن.

رفيف المهنا
صباح الرواق والأجواء الحلوة شاركونا بآرائكن ❤️

(سماعة حكيم)