===========================
⚠️مقال ثقافي اجتماعي ” للمهتمين فقط ”
بقلم الدكتور ياسر عاجوقة
منذ أيام قليلة ومع اغلاق مكتبة نوبل الشهيرة بدمشق لأبوابها وللأبد أمام زبائنها القلائل ْ ولتلحق بذلك بمن سبقها من مكتبات العاصمة والتي تحوّل بعضها للأسف لمحلات لبيع الأحذية والفلافل ْ ، عادت بي الذاكرة عقودا ً الى الوراء لتفتح لي أبوابا ً مشرقة ً نحو الفترة الذهبية التي عايشتها مع الصحافة الورقية والتي سأرويها لكم بكل أمانة ومصداقية …
ففي فترة سبعينيات القرن الماضي تفتّحت عيون جيلنا على الصحافة المرئية ذات اللونين فقط ” التلفزيون الأبيض والأسود ” وعبر ساعات بث وارسال محدودة جدا ً ، ولذلك فقد كان للصحافة الورقية الدور الاكبر في عملية التثقيف ، سواء ً عن طريق الصحف والجرائد التي كانت زهيدة الثمن وفي متناول عامة الشعب أو من خلال المجلات الأسبوعية أو الشهرية وايضا ً الكتب العلمية والتي تباع في المكتبات وبأسعار مختلفة .
وعلى الرغم من حصولي على قسط وافي وراقي من العلوم على أيدي معلمين مخلصين كانوا متفانين في اداء رسالتهم التعلمية والتربوية وبناء الأجيال في كافة مراحل دراستي ما قبل الجامعية ، الا ان الكتب والمجلّات كانت تأخذ بلبّي وفؤادي منذ الصغر ، وكنت أشعر بلذة كبيرة في قراءتها وشغف كبير في تتبع أعدادها ولاسيما المجلاّت العلمية والأدبية المتنوعة وقد استحوذت على النصيب الأكبر من مصروفي الشهري ” الخرجيّة ” ، كما لازلت اذكر أن أول كتاب اقتنيته وقرأته بشغف شديد كان عن الارصاد الجوية والمظاهر الطقسية من امطار ورعود وثلوج …
ومع انطلاقة الصحافة الإلكترونية عبر الشبكة العنكبوتية من منتديات ومواقع الكترونية ثم عبر تطبيقات علمية او خاصة بوسائل التواصل الاجتماعي شهدت بلادنا العربية تراجعا ً ملموسا ً في الإقبال على الصحافة الورقية من كتب ومجلات وجرائد ، الأمر الذي أدى تقهقر على صعيد المستوى الثقافي في مجتمعاتنا الفتيّة .
وأمام حالات النسخ واللصق والسرقة والتسلق ، وإدارة غالبية الصفحات ومواقع التواصل من قبل محررين جهلة غير مؤهلين لاعلميا ولا ادبيا ولاثقافيا ً ولاهمّ لهم سوى الشهرة وجني الارباح حتى وإن اتبعوا أساليب منحطّة ووضيعة ضاعت على ايديهم المعلومة الصحيحة وضاعت معها المرجعية الموثوقة ، تدعمهم وتعينهم شريحة واسعة من المتابعين والمتابعات عبر تعليقات جوفاء حمقاء اغلبها ممزوج بالتهكّم والسخرية…!!!
أخيرا ً ليس بالضرورة أن يكون كل متعلّم مثقف ، فارتقاء المرء في سلّم العلم والاختصاص قد يمكّنه من شغل وظيفة أو منصب معين في ذات الاختصاص ، أما الإنسان المثقف فهو الإنسان المتنوّر المطّلع على معظم العلوم والحكيم الذي يمتلك أسلوبا ً مميزا ً وسلوكا ً راقيا ً في التعامل مع من حوله من كائنات وعلى جميع المستويات …
وفي ختام هذا المقال نترك لحضراتكم الاجابة على هذا السؤال : “هل كلّ من حمل الشهادات العليا حمل معها القيم والمثل العليا “…؟؟!!
د.ياسر عاجوقة