هل تنجح بروكسل في إحياء مفاوضات فيينا؟
صفاء إسماعيل
مجدداً، عاد الاتفاق النووي الإيراني ليتصدّر الملفات الدولية، إذ من المقرر أن يلتقي نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية علي باقري كني اليوم، المفاوض الأوروبي أنريكي مورا في بروكسل لمناقشة استئناف المحادثات في فيينا، وذلك في إطار استعداد طهران لإجراء مباحثات أولية تمهيدية مع الاتحاد الأوروبي.
فيما لا تزال طهران تشكك في جدية الإدارة الأمريكية إزاء إحياء الاتفاق النووي، كتب باقري كني في حسابه على موقع “تويتر” عشية اللقاء: “سنواصل المباحثات حول المفاوضات القائمة على النتائج”، مؤكداً أن بلاده مصمّمة على إجراء المفاوضات التي تؤدي لإلغاء الحظر الجائر وغير الشرعي بنحو كامل ومؤثر، وتضمن تطبيع العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران وتقدّم ضمانات قانونية حول عدم المزيد في نقض العهود.
وإذ حذّر باقري كني واشنطن من مواصلة سياسة الضغوط القصوى على طهران، فإنه قال “الاستمرار في هذه السياسة الفاشلة، لن يزيل العراقيل من مسار المفاوضات الهادفة إلى إلغاء الحظر غير الشرعي والجائر، وإنما سيزيد تعقيد هذه المفاوضات كثيراً”، مبيناً أن القضية هي اختبار الاستعداد الحقيقي لدى الأطراف الأخرى بشأن تنفيذ التعهدات وبما يشمل مطالبة الناقض للتعهدات غير العضو بالتخلي عن نهجه وموروثه المخرب السابق، في إشارة إلى انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق عام 2018، وفرض عقوبات جائرة على إيران.
ويأتي هذا اللقاء الإيراني- الأوروبي في بروكسل، غداة زيارة قام بها مورا مؤخراً إلى طهران. ورغم أن المباحثات التي أجراها مورا اتسمت بالوضوح والإيجابية، لكنها لم تحقق هدفها المنشود أوروبياً في التوصل مع إيران إلى موعد محدد لاستئناف مفاوضات فيينا، وحصول إيران على إجابات واضحة عن تساؤلاتها المتعلقة بالجولات السابقة والسياسة الأميركية والأوروبية خلالها، إذ كان باقري كني أبلغ مورا بجملة ملاحظات وتحفظات إيرانية ترتبط بالخلافات التي أوصلت مفاوضات فيينا إلى طريق مسدود، أهمها الموقف الأمريكي من إلغاء العقوبات وعدم التعهد برفعها جميعاً إذ لم يوافق الجانب الأميركي على رفع جميع العقوبات كمّاً وكيفاً، وعدم تجاوب واشنطن مع شرط إيران التحقق من رفع العقوبات قبل العودة إلى التزاماتها في الوقت الذي تصر فيه إيران على ضرورة الحصول على ضمانات وتعهدات أميركية بعدم النكث لاحقاً بما سيتم الاتفاق عليه في فيينا، وهو ما لم يحصل خلال الجولات السابقة، بالإضافة لربط أميركا الاتفاق في فيينا بالتفاوض لاحقاً حول قضايا أخرى، مثل برنامجها الصاروخي وسياستها الإقليمية.
وفيما يتجهّز الطرفان للقاء، استبقت واشنطن، جرياً على عادتها، اللقاء بالتحذير من أنها مستعدّة لاتخاذ “تدابير أخرى” إذا باءت المفاوضات بالفشل، والقول على لسان مبعوثها بشأن إيران روبرت مالي قوله: “نافذة الدبلوماسية لن تغلق أبداً، لكن هذا لا يعني أن نافذة مفاوضات إحياء الاتفاق النووي ستظل مفتوحة للأبد”.
كل ما يرشح عن الموقف الإيراني الثابت، يشي بأن باقري كني لن يعود من بروكسل من دون أن تحصل طهران على إيضاحات لكل ملاحظاتها السابقة،
انطلاقاً من قاعدة عدم تفاوض إيران من أجل التفاوض، وعدم التفاوض من دون سقف زمني محدود، وذلك كله بعد أن تثبت واشنطن حقيقة التزامها ببنود الاتفاق النووي الذي نكثت به. أمام التعنت الأمريكي وعدم جدية البيت الأبيض، حتى الآن، بالقيام بأي خطوة في هذا الاتجاه فإن الملف النووي سيدخل مرحلة حساسة.
صحيفة تشرين